كفر برعم ومهجريها
كفر برعم قرية عربية مسيحية تقع على بعد 4 كم تقريبًا من الحدود الإسرائيلية اللبنانية في الجليل الأعلى الأوسط.
عدد السكان:
في 7/11/1948، بلغ عدد سكانها 1050 نسمة، وبلغ عددهم سنة 2010 داخل إسرائيل حوالي 3000 نسمة، مهجرين في: قرية الجش ومدينة حيفا ومدينة عكا وقرية المكر ومدينة الناصرة ومدينة القدس، ويوجد قلائل في طرعان ومعليا وشفاعمرو.
مساحة الأرض:
بلغت مساحة أراضي كفر برعم في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين 12250 دونمًا، (منها حوالي 1200 دونم وقف كنيسة السيدة في كفر برعم). وقد صادرتها حكومة إسرائيل سنة 1953. وتستعمل المستوطنات اليهودية القائمة عليها (موشاف دوفيف) والمجاورة لها (كيبوتس برعام القائم على أراضي قرية فاره، وكيبوتس ساسا القائم على أراضي قرية سعسع العربية المدمـّرة) أقل من 2000 دونم للبناء وللزراعة، وما تبقى (أي 10250 دونم) فقد تحوّل إلى أراضٍ وعريه شائكةٍ، ويُستعمل رسميًا كمراعٍ لأبقار المستوطنات.
دخول الجيش إلى القرية وبداية طريق الآلام:
تعود بداية طريق الآلام البرعمية إلى 29/10/1948 يوم دخلت القوات الإسرائيلية إلى قرية كفر برعم وبدون إطلاق نار، وقد أمر قائد الوحدة الإسرائيلية الرجال بالتوجه إلى الكنيسة وتسليم سلاحهم، وقد استلم القائد من الأهالي عددًا قليلا من القطع لم يزد عددها عن عدد أصابع اليد الواحدة، وقد كان معظمها بنادق للصيد، وقد سلـّم لأصحابها مصادقة باسم الجيش بأنه استلم هذه القطع. بعد ذلك عاد الرجال إلى بيوتهم وقد تمَّ إخبارهم بأنه بإمكانهم العودة إلى ممارسة حياتهم العادية اليومية، ويشهد قائد الوحدة، وكان شابًا في بداية العشرينات من عمره يدعى "عمانوئيل شارون"، بأنه عاد إلى كفر برعم بعد ذلك بثلاثة أيام ووجد الرجال يجلسون في "القهوة" ويقرأون صحف ذلك اليوم. بعد أن غادر قائد الوحدة الإسرائيلي كفر برعم نحو المالكية، حضرت إلى القرية وحدة أخرى اتخذت من القرية مقرًا مؤقتًا لها.
الإحصاء السكاني:
يوم 7/11/1948 وصل نهار الأحد إلى كفر برعم موظفان من مكتب وزارة الأقليات الإسرائيلية في مدينة صفد وقاما بإجراء إحصاء سكاني، وتم تسجيل جميع أبناء كفر برعم الذين تواجدوا ذلك اليوم في كفر برعم، على أنهم مواطنو الدولة الجديدة، وقد تمّ حفظ هذا السجل في مكاتب الوزارة في مدينة صفد.
أمر الطرد:
13/11/1948 في عصر يوم السبت الموافق في التاريخ أعلاه، حضر إلى كفر برعم ضابط إسرائيلي، - لم نستطع حتى الان معرفة اسمه ورتبته العسكرية- وأُمر أهالي القرية، مواطني الدولة الجديدة، وبدون أي سابق إنذار أو سبب يعرفونه، بمغادرة قريتهم خلال 48 ساعة إلى مسافة 5 كم شمالاً داخل الأراضي اللبنانية، وإلا سيعرضون أنفسهم لعقاب الجيش، وأدرك السكان آنذاك، آملين فرجـًا يخلـّصهم من محنتهم، ماذا يعني مثل هذا الإنذار. وبالرغم من ذلك لم ينصاعوا إلى الأمر كليًا، بل تفرقوا في كروم قريتهم ومغاورها، رغم شدة البرد ألجليلي وسقوط المطر، آملين جرّاء الأمر العسكري.
تعهد الوزير بعودة مضمونة وخروج من القرية لأسبوعين:
20/11/1948 زار وزير الأٌقليات بيخور شيطريت ومعاونوه قرية الجش المجاورة، واجتمع معه ممثلون عن أهالي كفر برعم، وطرحوا أمامه قضيتهم والأمر العسكري الصادر بحقهم، وبعد أن تشاور الوزير مع مرافقيه ومنهم: جاد ماخنس، مدير وزارته، وأليشع صولتص، الحاكم العسكري للجليل الشرقي وقرى المروج، ويوسف يعقوبسون ممثل وزارة الدفاع، وضابط الارتباط مانو (عمانوئيل) فريدمان، قالوا أنه قد حدث التباس في الأمر الصادر في 13/11/1948 بموضوع المغادرة إلى لبنان، وأنه على الأهالي أن يَخلوا قريتهم لمسافة 5 كم جنوبًا داخل الأراضي التي أصبحت تحت سلطة القوات الإسرائيلية وليس العكس، وبالتالي فعليهم التوجه إلى قرية الجش التي تبعد حوالي 4 كم إلى جنوب شرق كفر برعم، كل هذالمدة أسبوعينفقط لأن القوات الإسرائيلية، كما قيل لهم، تخشى هجومًا عسكريًا وشيكـًا من لبنان، وإن الأوامر الصادرة إليهم هي بهدف الحفاظ على أمنهم وسلامتهم خلال العمليات العسكرية المتوقعة، وقد التزم الوزير ومرافقوه من عسكريين وسياسيين بالسماح بعودة الأهالي إلى قريتهم وبيوتهم بعد أسبوعين فقط من إخلائهم وقد قام ضابط الارتباط - عمانوئيل فريدمان - شخصيـًا بإعلام أهالي كفر برعم بهذا الأمر.
بعد أن اضطر الأهالي إلى قبول الأمر، وافقت السلطات العسكرية آنذاك أن يبقى في القرية عشرة من الرجال أبناء كفر برعم يقومون بحراسة بيوت القرية وممتلكات السكانريثما يعود أصحابهاإليها بعد أسبوعين. مرّ الأسبوعان وتلتهما أسابيع أخرى والحاكم العسكري وسلطات الجيش يماطلون.
إبعاد 64 برعمياً إلى الخارج:
22/2/1949 أبعدت السلطات العسكرية 64 برعميًا إلى الخارج: كان أهالي كفر برعم المتواجدين في قرية الجش قد أبلغوا مدير البوليس في صفد (عاصمة القضاء) قبل هذا التاريخ ببضعة أيام بأنهم مضطرون، بعد الأمطار الغزيرة في ذلك الشتاء، للذهاب إلى كفر برعم لإجراء الصيانة على بيوتهم كفر برعم خوفـًا من أن تنهار، وقد حصلوا على موافقته، وبعد عدة أيام من تواجد عدد كبير من الأهالي في بيوتهم وأراضيهم اعتقلتهم دورية عسكرية إسرائيلية ونقلتهم إلى مركز البوليس في صفد، ورغم التفسيرات التي قدمها مدير البوليس والأهالي أصر الجيش على إبعادهم إلى خارج البلاد بحجة أنهم متسللين، وهكذا تمّ إبعادهم في ليلة ماطرة حالكة نحو قرية زبوبا، قرب مدينة جنين (ضمن مناطق فلسطين الواقعة تحت إدارة الجيش الأردني آنذاك). ومن هناك انتقلوا إلى نابلس تحت رعاية الصليب الأحمر الدولي، ثم إلى عمان فإلى دمشق ومن هناك نحو معبر الحدود بين سوريا ولبنان في الموقع المعروف ب "المصنع" ومن هناك إلى البقاع وجنوب لبنان - وقد توفيت إحدى الشابات ودُفنت هناك، ثمَّ "تسلل" معظمهم عائدين إلى أرض الوطن من جديد. وقد تقدمت لجنة أهالي كفر برعم آنذاك بشكوى إلى الدوائر صاحبة الشأن بما في ذلك رئيس الدولة، وكانت نتائج الفحص الذي أجراه مكتب رئيس الدولة بأن المُبعَدين كانوا ضحية الصراع - بين السلطات المدنية (البوليس ووزارة الأٌقليات) من جهة وبين السلطة العسكرية من جهة أخرى - في السيطرة على المواطنين العرب.
الدولة تؤجر أراضي ومحاصيل كفر برعم:
في شهر نيسان 1949 قامت الحكومة - رغم اعتراض الأهالي على ذلك - بتأجير أراضي ومحاصيل كفر برعم لشركة يهودية، وكان عمال تلك الشركة مواطنين عربًا من شمال البلاد! وهذا ما يُبطل الادعاء الأمني ضد السماح لأبناء كفر برعم بالعودة إلى قريتهم وأراضيهم، لأنه من المحتمل - حسب قولهم - أن يشكلوا خطرًا على أمن الدولة كونهم عربـًا!!. إن مثل هذا الحدث يؤكد عنصرية القرار بإبعاد أهالي كفر برعم عن قريتهم وأراضيهم ومن بيوتهم، فإن كان العرب عمالاً فهم لا يشكّلون خطرًا، أما إذا كانوا أصحاب الحق والأرض الأصليين، فهم يشكلون خطرًا على الأمن!!.
طرد الحراس أبناء كفر برعم:
5/6/1949 طرد البوليس الإسرائيلي، حرّاس القرية من أبناء كفر برعم الذين وافق الجيش على إبقائهم لحراستها منذ 20/11/1948، وقد كان هذا الحدث مقدمة لعمل اشد خطرًا وهو إسكان جماعة من المستوطنين اليهود والذين سيصبحون فيما بعد نواة كيبوتس بارعام المجاور. وقد سكن أولئك المستوطنون بعض بيوت القرية لمدة سنتين تقريبًا.
عهد حكومي "الحكومة لا تقصد سلب سكان برعم أراضيهم وعلة معاشهم":
13/6/1949 أكد رئيس الحكومة آنذاك - دافيد بن غوريون - برسالة رسمية من مكتب مستشاره لشؤون العرب يهوشوع بلمون،جاء فيها: "إن الحكومة لا تقصد سلب سكان برعم أراضيهم وعلة معاشهم".
وزير حكومي لأهالي كفر برعم: "أرجوكم أن تحتزموا بقليل من الصبر":
في 29/6/1949 قابل ممثلو الأهالي الوزير بيخور شيطريت، وشكوا له حالتهم، وطالبوه بتنفيذ وعده الرسمي لهم، وجاء رده كتابيًا يحمل تاريخ 30/6/1949 جاء فيه: "أفيدكم بأني أحلت الأمر للمرجع الايجابي وبينت له قلقكم وطلباتكم، وأرجوكم أن تحتزموا بقليل من الصبر".
وزير حكومي: "من حق الأهالي الحصول على تعويض عن المواسم التي لم يتمكنوا من الاستفادة منها:
تموز 1951 كتب ممثلو الأهالي إلى وزارة الأديان مطالبين السماح لهم باستغلال أراضيهم لإعالة عائلاتهم، وجاء الرد في شهر آب 1951 يقول انه من غير الممكن السماح لهم بذلك، ولكنه يؤكد حق الأهالي في الحصولعلى تعويض عن المواسم التي لم يتمكنوا من الاستفادة منها"،ولكنالتعهدلم يُنفذ حتى اليوم.
رفع دعوى قضائية إلى محكمة العدل العليا:
في 30/8/1951 قام عشرة من أبناء كفر برعم ممثلين عن بقية الأهالي برفعدعوةإلى محكمة العدل العليا ضد ممثلي الدولة وهم: رئيس الوزراء باعتبارهوزيرًا للدفاع، وزير الزراعة، حارس أملاك الغائبين، والحاكم العسكري للجليل الشرقي، "المدَعى عليهم"، يطالبون المحكمة بإنصافهم بأن تصدر أمرًا للحكومة بالسماح لأهالي كفر برعم بالعودة إلى قريتهم وأراضيهم.
المحكمة تصدر أمرًا احترازيًا ضد الحكومة:
في 8/10/1951 أصدرت المحكمة أمرًا تمهيديًا ضد المدّعَى عليهم وطالبتهم بالحضور والرد على الدعوة خلال 15 يومًا، وشرح أسباب ممانعتهم بالسماح لمهجري كفر برعم بالعودة إلى قريتهم وأراضيهم وبإعادة القرية لأصحابها. شعرت الحكومة بالإحراج، فطلبت من المحكمة تمديد المهلة، واستجابت هذه ومددت المهلة أكثر من مرة. وقد تلاعبت الحكومة بمحكمة العدل العليا وبنظام عملها، ومارست الضغط على المحكمة لتأجيل إصدار قرار الحكم أكثر من مرة - وربما تكون المحكمة قد تعاونت مع الحكومة - وذلك حتى تستطيع الحكومة أن تعطي صبغة قانونية لتصرفها، أصدرت المحكمة قرارها بتاريخ 18/1/1952.
صدور قرار المحكمة:
18/1/1952 أصدرت محكمة العدل قرارها... "يحتاج المدّعون (أبناء كفر برعم) كي يعودوا إلى قريتهم إلى التزود بتصريح خاص من السلطة العسكرية". لم تُصدر السلطة العسكرية مثل هذا التصريح حتى يومنا هذا مستغلة الإدعاء الأمني الكاذب.
مصادرة أراضي كفر برعم:
14/8/1953 قام وزير المالية وفقًا لقانون "مصادرة الأراضي لسنة 1953" سنته الكنيست في السنة ذاتها، بمصادرة أراضي كفر برعم - بادعاء أنها ليس بحوزة واستعمال أصحابها/مالكيها.
يا للسخرية: وزير الدفاع في حكومة إسرائيل، وباسم الأمن، يمنع أبناء كفر برعم من الدخول إلى قريتهم وأراضيهم وممارسة حقهم الطبيعي كملاكين، بينما يقوم زميله وزير المالية، في الحكومة ذاتها، بإصدار أمر بمصادرة أراضيهم لأنهم لم يمارسوا حقهم الطبيعي عليها !!!!
جريمة هدم القرية:
16-17/9/1953 أقدمت حكومة إسرائيل، وباسم الأمن أيضًا، وبمعرفة أعلى سلطة أمنية وبمباركتها، أقدمت على جريمة هدم بيوت قرية كفر برعم، فنسفتها من الأرض والجو، بعد مرور خمس سنوات من قيام الدولة!!. كان هدف السلطة قتل الأمل بالعودة، فسقطت حجارة البيوت وبقي الأمل.
وضع أبناء كفر برعم في القرى المضيفة واستمرار المطالبة بالعودة:
1967-1954 استمرت السلطة بملاحقة أبناء كفر برعم أينما حلـّوا، فقد منعت عنهم العمل، ومنعت عنهم تصاريح التنقل في فترة الحكم العسكري لمجرد أنهم كانوايذكرون عند طلبهم التصريح بأنهم من كفر برعم. كانت الملاحقة تهدف إلى كسر معنوياتهم وإضعاف مطالبتهم العادلة بالعودة إلى أرض آبائهم وأجدادهم. بالرغم من هذا استمر مهجرو كفر برعم بالمطالبة، فتوجهوا إلى رؤساء الدولة، ورؤساء الحكومات المتعاقبة ووزرائها ولأعضاء الكنيست من كل الفئات والأحزاب السياسية، كذلك توجهوا إلى ممثلي الدول الأجنبية في إسرائيل، ونوقشت قضيتهم عشرات المرات في المؤسسات الحكومية وفي الكنيست ... ولكن دون جدوى، وبالمقابل وبُعيد تدمير بيوتهم في 1953 وحتى اليوم، عرضت الحكومة على المهجرين عشرات مشاريع حل لتوطينهم، بعضها في قرى عربية هُجّر أهلها في 1948، وبعضها في قرية الجش أو في أي مكان آخر يرغب المهجرون به، ولكن هذه المشاريع جميعها قد لاقت الرفض القاطع لدى مهجري كفر برعم.كذلك عُرضت على المهجرين تعويضات مادية مغريةّ، ولكنها رُفضت،وعُرض عليهم مشروع تسفيرهم إلى الأرجنتين، ضمن المشروع المعروف بـ "مشروع مندوزا" لتهجير العرب إلى هناك، فرفضوه، ولم تثن هذه التعويضات الأهالي عن مطلبهم بالعودة إلى قريتهم وأراضيهم.
إلغاء الحكم العسكري على العرب في البلاد:
في سنة 1966 أعلنت الحكومة عن إلغاء الحكم العسكري الذي فرضته على المواطنين العرب، ومن أهم معالمه الظاهرة انه على كل إنسان يريد الخروج من منطقته إلى منطقة أخرى التزود من الحاكم العسكري بتصريح خروج من المنطقة ودخول إلى المنطقة الأخرى. بالرغم من إلغاء الحكم العسكري لم تلغ مظاهره والقيود التي فرضت على المواطنين العرب، وقد استمرت عملية التخفيف من الإجراءات العسكرية حتى اختفت تقريبًا في 1968.
مع الانتهاء الرسمي للحكم العسكري في 1966 والفعلي العملي حتى 1968 شعر المهجرون من برعم ومن إقرت بان الوقت حان لتصعيد المطالبة بالعودة، وان الموانع العسكرية فقدت أهميتها وقلّ وزنها ضد عودة المهجرين. كذلك كانت لنتائج حرب الأيام الستة "حرب حزيران 1967" وفيها انتصرت إسرائيل في كل جبهات قتالها مع الدول العربية، مفهوم واحد بالنسبة للمهجرين، وهو أن الدولة لن تستطيع أن تلوّح بعد بالأمن كعامل أساسي لمنعهم من العودة.
وإبقاءه على كفر برعم واقرت:
رغم إلغاء الأوامر بالنسبة للمناطق المغلقة ورغم تغيّر "الأوضاع الأمنية" التي اتخذتها الحكومة حجّة وذريعة، بقيت كفر برعم وإقرت مناطق مغلقة وفقـًا لقوانين الطوارئ - 1945. بعد ذلك حُوّل الإغلاق وفقـًا لقوانين طوارئ أخرى - المناطق الأمنية 1949 - (البند 125)، وما زالت هذه المناطق مغلقة رسميًا حتى يومنا هذا، وهي الوحيدة في البلاد التي يُطبّق عليها هذا النظام، أما الهدف منه فهو واضح كعين الشمس.ومنذ الشهر العاشر من هذه السنة (1967) عاد أبناء كفر برعم لدفن أمواتهم، في مقبرة كفر برعم بغض النظر عن المكان الذي وافتهم فيه منيتهم.
في سنة 1968 وعلى خلفية المطالبة المتواصلة بالعودة إلى كفر برعم، قام شموئيل طوليدانو - مستشار رئيس الحكومة لشؤون المواطنين لعرب بزيارة مشتركة مع ممثلين عن أبناء كفر برعم إلى منطقة "كسارة عازر" الواقعة في الجهة الجنوبية من بيوت كفر برعم المهدمة، واقترح المستشار على أبناء كفر برعم أن تقيم أو تسمح لهم الدولة بإقامة قرية لهم في ذلك الموقع، وكانت المفاجأة أن وافق ممثلو كفر برعم على الاقتراح وعندها طلب المستشار من مرافقيه العودة إلى قرية الجش للتداول في إعطاء البراعمة قطع ارض للبناء في موقع "العقبة" في الجش.
تصعيد المطالبة بعد إلغاء الحكم العسكري:
صعـّد البراعمة والأقارته كل بطريقته، مطالبتهم بالعودة إلى قراهم، ولكن الحكومة بقيت على موقفها بأن عودة المهجرين قد تشكـّل خطرًا على امن المنطقة الشمالية.
تزايد الضغط على الحكومة وبالمقابل تزايد نشاط أعضاء وكتل سياسية في الكنيست، فأعلن زعيم المعارضة - مناحم بيجن (18/6/1972)، (المعارضة كانت من حزب (جاحل) حيروت الذي سيصبح القوى الأساسية في حزب الليكود فيما بعد)، تأيده وتأيد حزبه لاعادة مهجري كفر برعم. وقدّم عضو الكنيست توفيق طوبي (الحزب الشيوعي) (بتاريخ 12/7/1972) اقتراحًا لجدول الإعمال، وقام وزير الدفاع موشه ديان بوقف استعمال قانون الطوارئ الانتدابي من سنة 1945 لإغلاق مناطق في البلاد ولكنه أبقى على منطقتي برعم وإقرت مغلقتين، ولكن تحت بند أخر ذكرناه أعلاه.
ماتت حجة "الأمن" وولدت حجة "السابقة":
23/7/1972 قررتحكومة إسرائيل برئاسة غولدا مائير، (قرار رقم 803) وبخلاف لموقف عدد كبير من الوزراء ولنصيحة شموئيل طوليدانو، مستشارها لشؤون المواطنين العرب، عدم إعادة مهجري كفر برعم وإقرت إلى قراهم، أما السبب الذي اعتمد عليه القرار في هذه المرّة، فلم يكن الأمن!!! لأن "الأمن" أصبح حجة واهية لا تقنع أحدًا، بل موضوع جديد لم يُطرح من قبل وهو "السابقة"، وهذا القرار بحد ذاته هو اعتراف بحق مهجري كفر برعم وإقرت، ولكن هوس "السابقة" لا يسمح للحكومة بان تصحح الخطأ الذي ارتكبته ضد مهجري القريتين.
تجدد المطالبة، والاعتصام في كفر برعم:
كان رد أبناء كفر برعم على قرار حكومة إسرائيل غاضبـًا عاصفــًا، فحكومة اليوم تعاود ارتكاب الجريمة التي ارتكبتها أختها الكبرى قبل أربع وعشرين سنة، فهي تمنع عودة المهجرين إلى قراهم رغم زوال كل الموانع التقليدية التي كانت "تمنع" عودتهم حتى ذلك الوقت، وأهمها وأكثرها إقناعا للعالم في الخارج، وللإسرائيلي في الداخل وهي "الأمن" الذي جعلت منه حكومات إسرائيل عجلا ذهبيًا فعبدته، وأفهمت العالم انه لا أعظم من الأمن في بقاء الدولة والشعب، وان الغاية "البقاء الاستمراري" تبرر الواسطة، حتى وان كانت تهجير سكان وتدمير ثقافة وحضارة ومنظومة اجتماعية، لها ما يميزها ولها روابط مميزة بين أعضائها، وبينهم وبين الأرض التي عليها ومنها كانوا يعيشون.
لم يتأخر الرد العملي لأبناء كفر برعم على قرار الحكومة، فتنادوا إلى اعتصام مفتوح في كفر برعم، وجاءوا بوسائط النقل المستعملة آنذاك من حيفا وعكا والناصرة والقدس والمكر، وبالسيارات القليلة وسيرًا على الأقدام لمن استطاع من الجش إلى كفر برعم.، وبلغ عددهم المئات، فالتقى البراعمة على ارض كفر برعم وبين عظام بيوتها، فأغمض مَن أغمض عينيه في بناية المدرسة وقاعة الكنيسة وغرفة "شمونه" الملاصقة للحائط الجنوبي للكنيسة، وافترش الآخرون تراب برعم وعظام بيوتها والتحفوا سماءها في ليالي الصيف التي التهبت بالبراكين الثائرة في صدورهم.
خافت السلطة من اعتصام البراعمة والأقارته ومؤيديهم في كفر برعم وإقرت، وقد تزايدت أعداد المؤيدين حتى وصلت الآلاف في يوم السبت 5/8/1972، فاختلقت الأسباب كي تقمعهم وكي توقف هذا الاعتصام وما يجلب معه من مؤيدين ووسائل إعلام محلية وعالمية، وما يسببه من إحراج عالمي لحكومة إسرائيل، فأرسلت الشرطة وحرس الحدود بالعشرات وقد اهتمت أن تسلحهم بالعصي والهراوات، وأن تعبئهم بالحقد والكراهية بما يكفيهم لرد "الغاصبين العزّل" أبناء كفر برعم الذين جاءوا خاشعين باكين يقبّلون هياكل بيوتهم، يسامرونها ساعات قلائل، فقد قامت مؤسسات الدولة!!!!! بتقديم شكوى إلى الشرطة، حافظة النظام وحامية أملاك الأفراد والمؤسسات، مفادها أن أبناء كفر برعم باستعمالهم بعض البيوت، قد تعدوا على أملاك سلطة التطوير مالكة البيوت !!!!! وعليه جاءت الشرطة لتعيد "النظام" إلى نصابه، ولتعيد "الحق" إلى أصحابه - دائرة أراضي إسرائيل وسلطة التطوير.
لم تحل ساعات الظهر من يوم الأحد 6/8/1972 إلا وقد اكتملت عدة وعديد فرق البوليس وحرس الحدود، فبدأت هجومـًا يقوده قائد فرقة حرس الحدود، فدخلت الكنيسة وطرح أفرادها كتاب الإنجيل أرضا ودفعوا الشيوخ والنساء، ودخلوا غرفة "شمونه" فاعتدوا على الكهنة ومزقوا ثيابهم، وأخذت الشرطة المدنية تحتجز الشباب والرجال، فاحتجزت أكثر من عشرين شخصا ونقلتهم إلى عكا ونهريا، ثمّ ما لبثت وبفضل تدخّل سيادة المطران يوسف ريا مطران عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل للروم الكاثوليك، إلا أن أطلقت سراح عدد منهم، وأعادت نقل الباقين إلى صفد، حيث أطلق سراحهم في اليوم التالي. ولم تتوقف حملة "بطولات شرطة إسرائيل" ضد أبناء كفر برعم إلا بعد تدخـّل إعلاميين لدى أعلى السلطات المسئولة في الدولة. إثر هذا الاعتداء على أبناء كفر برعم وكهنتهم واعتقال شبابهم أصدر سيادة المطران يوسف ريا تعليمات إلى جميع الكهنة بعدم فتح الكنائس في يوم الأحد التالي 13/8/1972، على أن تقرع أجراس الكنائس دقات حزنٍ، ودعي إلى صلاة جماعية في إقرت ثمّ في برعم في نفس اليوم.
لم ينته الوضع بهذه النتيجة فقد استمرت المظاهرات في القدس وفي أماكن عديدة أخرى، وكانت أهمها تلك التي تمّت في يوم 23/8/1972 حيث ترأس سيادة المطران يوسف ريا مظاهرة صاخبة لم تشهد البلاد عامة والقدس خاصة مثل هذه المظاهرة من قبل، فجابت شوارع القدس من باب الخليل متجهة إلى الكنيست ومكتب رئيس الحكومة، وقد رفضت رئيسة الحكومة الخروج ومقابلة المتظاهرين.
رغم كل مظاهر الاحتجاج التي قام بها المهجرون وقادتهم وعشرات ألاف المؤيدين، أصرت الحكومة على موقفها، فأعلن المهجرون ومؤيدوهم وعلى رأسهم سيادة المطران يوسف ريا البدء بإضراب عن الطعام أمام الكنيست اعتبارًا من صباح يوم 15/7/1973، وقد كان لهذا الإضراب وزن خاص بسبب مشاركة المطران ريا به، ولان المسئولين كانوا يخشون من الإحراج العالمي لحكومة إسرائيل إن أدى الصيام إلى الإضرار بصحة المطران ريا.
وقد استمر اعتصام البراعمة طوال سنة 1972 وامتد إلى سنة 1973 وقد تغيرت صورة الاعتصام من اعتصام جماهيري إلى اعتصام يتناوب فيه البراعمة على التواجد كالفرد في كفر برعم، بالإضافة إلى نواة أساسية من المتقدمين بالسن وممن لا يعملون، وقد أوقفت حرب 1973 وما تبعها من أجواء عامة في البلاد، هذا الاعتصام.
كنيسة كفر برعم تحيي من جديد:
4/11/1972 منذ هذا التاريخ يقيم أبناء كفر برعم الطقوس الدينية كصلوات الأعياد وأكاليل الأعراس في كنيسة قريتهم.
وعد مقابل تهدئة:
1974 طلب رئيس الحكومة آنذاك - إسحاق رابين - تهدئة الوضع وإيقاف المطالبة بالعودةمن قبل الأهالي لمدة سنة، وبالمقابل يلتزم بعدها بدراسة القضية وإيجاد حل إيجابي لها.
وعد بالعودة ولجنة وزارية تتنكّر له:
29/7/1977 صرّح مناحم بيغن بعد تسلّمه رسميًا منصب رئيس الحكومة، بأنه سيعمل على إعادة المهجرين من كفر برعم، وقد صرّح لوسائل الإعلام ومنها التلفزيون الإسرائيلي، وقد لاقى تصريحه هذا استهجانًا في أوساط وسائل الإعلام كون مناحم بيجن زعيم التكتل اليمين الإسرائيلي يؤيد وسيعمل على إعادة مهجري كفر برعم، ثمَّ جاء تصريحه هذا خطيًا بعد فترة قصيرة للمهجرين، وقد أقام لجنة وزارية من خمسة وزراء برئاسة الوزير أريئيل شارون لدراسة الموضوع، وقدّمت اللجنة توصياتها إلى رئيس الحكومة، وبقيت سرية... ولكن النتيجة كانت عدم السماح للمهجرين بالعودة إلى قراهم.
توتر في الشمال يعيق المطالبة بالعودة:
1978 - 1985 مرّت بضع سنوات كانت فيها المنطقة الشمالية - التي تقع فيها قرية كفر برعم - مسرحـًا لنشاطات عسكرية على جانبي الحدود، فقد دخل الجيش الإسرائيلي إلى جنوب لبنان - عملية الليطاني - لمطاردة الفدائيين الفلسطينيين في الجنوب، وقد اثر هذا على استمرار المطالبة بالعودة في ظل التوتر الأمني، كذلك الأمر في 1982 عندما دخل الجيش الإسرائيلي إلى الجنوب ووصل لاحقـًا إلى بيروت. إن هذه الإحداث خففت من حدة المطالبة بالعودة بين أبناء كفر برعم، وكذلك قللت التجاوب والاستعداد لدى المسئولين للتعامل مع الموضوع بحجة التوتر والوضع الأمني السائد على امتداد الحدود.
انتخاب لجنة أهلية لأول مرة:
في 28/2/1987 أجريت لأول مرة في تاريخ مهجري كفر برعم عملية انتخاب للجنة أهالي كفر برعم في جميع أنحاء البلاد وفقـًا لنظام خاص "نظام انتخاب وعمل لجنة أهالي كفر برعم" وكانت مؤلفة من 11 عضوًا.
مشاريع حلول لم تنضج:
1987-1985 جرت محاولات جادة لإعادة المهجرين، منها: مشروع الوزير عيزر فايتسمان، الوزير لشؤون الأقليات (رئيس الدولة فيما بعد) في حكومة الوحدة الوطنية التي كان يرأسها شمعون بيرس، كذلك مشروع الوزير موشه أرنس، الوزير لشؤون الأقليات في ذات الحكومة تحت رئاسة إسحاق شمير، ولكن رئيس الحكومة هذا أفشل مشروع آرنس، بما في ذلك لأسباب ائتلافية في حكومته.
لاول مرة، مخيم صيفي لأطفال وأولاد كفر برعم في بيتهم:
1987 منذ صيف هذه السنة وفي كل صيف يقيم أبناء كفر برعم، في ظل كنيسة كفر برعم وعلى ترابها وبين بيوتها، مخيّمًا صيفيًالأولادهم من كل أنحاء البلاد.
انتخابات توصل إسحاق رابين لرئاسة الحكومة:
1992 مع إقامة حكومة إسحاق رابين وحزب "ميرتس" وبدعم الكتلة المانعة لأعضاء الكنيست العرب، طالبت بعض الكتل البرلمانية من الائتلاف الحكومي حل قضية كفر برعم وإقرت، فحركة "ميرتس" طلبت في اتفاقية الائتلاف بحث موضوع المهجرين في الحكومة، كذلك الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي قدمت مشروع قانون بهذا الشأن، كذلك الحزب الديمقراطي العربي قدم مطلبًا حازمًا للحكومة بهذا الشأن.
لجنة القانون تقدّم اقتراح حل للضغط على الحكومة:
تموز 1993قدّم أعضاء لجنة القانون في الكنيست - أعضاء من جميع الكتل البرلمانية تقريبًا برئاسة عضو الكنيست ديدي تسوكر من حركة "ميرتس" - مشروع قانون لإعادة مهجري كفر برعم وإقرت وقد تمّ التصويت عليه بالقراءة التمهيدية.
إقامة لجنة وزارية "لجنة ليبائي" لبحث إعادة مهجري كفر برعم واقرت:
في 7/11/1993 وفقـًا لوعد من رئيس الحكومة إسحاق رابين بتاريخ 4/1/1993، عينت الحكومة لجنة وزارية لبحث موضوع إعادة مهجري القريتين، مؤلفة من: بروفيسور دافيد ليبائي - وزير القضاء رئيسًا، وعضوية وزير المعارف - بروفيسور أمنون روبنشطاين، ووزير البناء والإسكان - بنيامين بن إليعزر، ووزير الزراعة - يعقوب تسور، ونائب وزير الدفاع - مردخاي غور، وقد طـُلب من اللجنة تقديم توصياتها لرئيس الحكومة حتى 31/3/1994.
مهرجان "القناطر" في كفر برعم:
منذ صيف 1994 وحتى صيف 1997 أقام أبناء كفر برعم مهرجانـًا سنويـًا في كفر برعم لمدة ليلة واحدة والنهار الذي يليها.
الإعلان عن توصيات اللجنة الوزارية "لجنة ليبائي":
24/12/1995 أعلن رئيس اللجنة الوزارية، وزير القضاء - دافيد ليبائي - توصيات لجنته، وقد بُنيت هذه من قسمين: الأول: المقدمة، والثاني القرار:
القسم الأول (المقدمة):"تعترف اللجنة الوزارية بزوال جميع الموانع الرسمية التي كانت قد استُعملت ضد عودة المهجرين، ولكنها أبقت على مصادرة أراضي كفر برعم من سنة 1953، وبنت توصياتها العملية على هذا.
القسم الثاني (القرار): قررت اللجنة الوزارية أن توصي بما يلي:
- يُسمح لكل شخص كان له أو لوالده بيت في كفر برعم، أن يستأجر من الدولةّّ قطعة أرض بمساحة نصف دونم، (هي نفس أراضي كفر برعم التي صادرتها الدولة من أصحابها في عام 1953)، ليقيم عليها، له ولأثنين فقط من نسله، مسكنـًا مؤلفـًا من 3 طبقات، مقابل تنازله الخطي عن حقوقه الكاملة في بيته في كفر برعم. وقد خصصت اللجنة الوزارية لهذا الهدف، بما في ذلك المساحات العامة ومساحة مباني المؤسسات العامة، مساحة 600 دونم لإقامة كل واحدة من القريتين، كل ضمن الأراضي التاريخية والتي قد صودرت في العام 1953.
- يحق لمن له أرض زراعية في كفر برعم أن يحصل على تعويض مالي وفقـًا لأسعار دائرة أراضي إسرائيل، وعلى كل مهجّر أن يرتب أمره في هذا المجال بشكل فردي مع الدولة.
حكومة جديدة ولجان وزارية جديدة:
1996 مع إقامة الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو- نتيجة الانتخابات التي جرت بعد اغتيال اسحاق رابين رئيس الحكومة في 4/11/1995، جرى اتصال معه بهذا الشأن، وتقرر أنه بعد تعيين الوزيرين، موشيه قتصاب وزيرًا لشؤون العرب، وتصاحي هنجبي وزيرًا للقضاء، سيتم بحث الموضوع وتقديم اقتراح حل ملائم.
لجنة وزارية برئاسة وزير القضاء – هنجبي:
1/6/1997 زار الوزير هنجبي القريتين واجتمع مع ممثلي الأهالي ووعد بتقديم توصيات خلال أربعة أشهر، ولكن الوزير اخذ يماطل في تقديم توصيات مكتبه. وقد كان مهجرو قرية إقرت الشقيقة قد تقدّموا (في 5/2/1997) بدعوة إلى محكمة العدل العليا (840/97) يطالبون بان تقوم المحكمة بإصدار قرار يلزم الحكومة بإعادة أبناء إقرت إلى قريتهم، وكذلك يلزم الحكومة بمواصلة تطبيق القرار لإعادة مهجري إقرت.
دعوة قضائية جديدة ومماطلة غير محدودة:
في شهر آذار 1998 محكمة العدل العليا تعطي الحكومة مهلة 90 يومًا للإجابة على التماس تقدم به المحامي فيلدمن باسم لجنة وأهالي إقرت.
نيسان 1998تمّ ربط كنيسة كفر برعم بشبكة الكهرباء القطرية مباشرة، وهو حدث لم يسبق أن حدث في أي مكان أخر في البلاد.
1/7/1998 محكمة العدل العليا تعطي الحكومة مهلة أخرى قدرها 90 يومًا للإجابة على الالتماس الذي تقدم به المحامي فيلدمن باسم لجنة وأهالي إقرت، والذي تطرأت له المحكمة في آذار 1998.
لجنة وزارية برئاسة وزير القضاء – يوسي بيلين:
2/1/2000 تمّ تعيين لجنة وزارية من تسعة وزراء برئاسة الوزير يوسي بيلين، لبحث الموضوع وإيجاد حل.
7/2/2000ا جتمعت لجنة أهالي كفر برعم مع اللجنة الوزارية، وقد أوضح الوزير بيلين أن الحل الذي ستقترحه لجنته سيكون على أساس توصيات لجنة ليبائي من سنة 95/96. وأنه لن يعود إلى ما قبل هذا التاريخ بفتح ملف قضية كفر برعم.
14/3/2000 قامت اللجنة الوزارية - لجنة بيلين - المكلـّفة بدراسة موضوع كفر برعم وإقرت، بزيارة كفر برعم والاستماع إلى التسلسل التاريخي للقضية، والى شرح عن الإمكانيات لإقامة قرية حديثة يعيش فيها أهلها ويعملون ويتعايشون مع الجوار بما فيه صالح الجميع (وليس قرية للنوم فقط وبعدد سكاني محدود ومساحة مستأجرة محدودة، كما اقترحت توصيات لجنة ليبائي في 1995)، وإن إقامة القرية وعودة المهجرين سيكون فيها الخير لفائدة المنطقة عامة.
قداسة البابا الطوباوي يوحنا بولس الثاني يطالب بعودة المهجرين:
24/3/2000 في الاجتماع بين قداسةالبابا يوحنا بولس الثانيورئيس الوزراء أيهود براك، - أثناء زيارة قداسته إلى الأراضي المقدسة - في جبل التطويبات في كورازيم على بحيرة طبريا، طالب قداسته بحل عادل لقضية مهجري كفر برعم وإقرت، وقد وعد رئيس الحكومة بذلك.
10/10/2001 يتخذ "الكابينيت" - الحكومة المصغرة برئاسة رئيس الوزراء شارون، قرارًا يُقدم جوابًا إلى محكمة العدل العليا: "تتبنى الحكومة الحالية قرار حكومة إسرائيل من سنة 1972 الذي تعارض فيه عودة المهجرين، معتمدًا على الخشية من السابقة"
25/11/2001ترفض المحكمة العليا إدعاءات الحكومة (الأمن والسابقة) بعدم السماح للمهجرين بالعودة، وتقرر أن القضية تقع في المجال المدني لمواطنين ويجب التعامل معها من هذا المنظار، وتطلب من الحكومة أن تقدم للمحكمة خلال 90 يومًا "برنامجًا مفصلاَ للحل الذي تقترحه على المهجرين". موقف مشرف وعادل للمحكمة لو أنها بقيت عليه.
شباط 2002قدمت الحكومة برنامجها لحل قضية إقرت، وردًا على طلب المحكمة، وجاء البرنامج عبارة عن دفع تعويضات مالية للمهجرين مقابل أراضيهم في قراهم، وهي (560 ألف شاقل لدونم البناء). وقد رفض مهجرو كفر برعم (وإن لم يكونوا طرفـًا في الدعوة المرفوعة ضد الحكومة) هذا الاقتراح، وهم يرفضون أي بديل عن حقوقهم في كفر برعم ويؤكدون أن لا بديل لحقهم في العودة إلى قريتهم وأراضيهم وبيوتهم المدمرة، خاصة وأن غالبية أراضيهم في كفر برعم تُستعمل مراعٍ للأبقار.
13/5/2002رفضت محكمة العدل العليا موقف الحكومة القائل بأن الأرض مستعملة وأنه لا يوجد مكان لإعادة الأرض لمهجري إقرت، أصحاب الدعوة المرفوعة ضد الحكومة، وقد أعطت المحكمة مهلة زمنية للحكومة كي تقدم إثباتات كافية عن استعمالات الأرض.
موقف مشرف وعادل للمحكمة لو أنها بقيت عليه.
26/6/2003 أصدرت القاضية دورنر وبتأييد القاضية أ. بروكوتشيا والقاضي المتقاعد يً. إنجلرد قرارًا جاء فيه:
- لا يوجد أساس لادعاء المدَّعين، بأنه يجب إلغاء منح أراضيهم لسلطة التطوير.
- لا يوجد سبب لإلزام السلطة بتخصيص أراض لاستيطان المدَّعين في المنطقة التي إقتـُلع أباؤهم منها، لكن الدعم الذي يستحقونه - وهو مناسب ويفي بمبدأ المساواة - هو تعويض، بالمال أو بالأرض.
- استنتاجي إذا هو، مع واجب السلطة بإلغاء أوامر الإغلاق، يجب رد الدعوة.
- هذا الحاصل حاليًا، ولكن، أنا اعتقدأن الالتزام الأدبي الذي قطعته الدولة على نفسها - كما سـُمي في تقرير لجنة ليبائي - والذي تكوّن نتيجة التعهدات المتكررة التي تعهدت بها السلطات لأجيال من المهجرين، مواطنين مخلصين لدولة إسرائيل، بقي كما هو. ولذلك من المناسب - إن جرى تغير في الوضع السياسي - دراسة حل أخر، يمكّن المدّعين من السكن في نفس المنطقة
قرار المحكمة بروح موقف الحكومة:
جاء قرار المحكمة مخيّب للآمال هذه المرة أيضا، وبالرغم مما أبدته المحكمة من مواقف ترفض مواقف و"أعذار" الحكومة كما ظهر في الجلسات السابقة، عادت محكمة العدل العليا لتبني مواقف و "أعذار" الحكومة من جديد، وفي هذه المرة لم يكن سبب الرفض الحكومي موضوع الأمن الذي كان "النجم الساطع" الذي لوحت به الدولة منذ 1948 وحتى 1972، ولم تكن "الحجة" الجديدة "السابقة" منذ 1972 وحتى 1995، ولم تكن ذريعة عدم وجود أراض كافية لإسكان المهجرين "تذكّر أنها مراع لبقرات مقدسة!!!!"، بل أن الحالة السياسية هي المانع.
ولكن محكمة العدل العليا أبقت باب أمل للمهجرين: "إذا تغير الوضع السياسي يمكن البحث في إيجاد حل ليسكن المهجرون في نفس المنطقة".
وحتى يتغير الوضع السياسي في الشرق الأوسط، على أفضل الأحوال لنفرض إن الوضع تغير واعترف الجميع بذلك، عندها سيكون موقف المسئول السياسي والقضائي وغيرهم .. " نعتذر لان الوقت أصبح متأخر جدًا وأننا لا نستطيع اليوم أن نفهم ماذا كان يدور برأس المحكمة/الحاكم يوم وعدوكم بهذا ". !!!!!!!
وهكذا جاء "باب الأمل" ليجمّل وجه محكمة لا بل منظومة، عجزت عن إحقاق الحق لأصحابه، وعن رفع الظلم عن المظلوم ..... وعن حماية مواطن من انتهاكات السلطة.
القرار الذي أصدرته المحكمة كان مخيـّبا للآمال وولـّد إحباطـًا عامًا لدى المهجرين عامة، ووضعهم في حالة قديمة جديدة يدرسون الوضع من جديد، ويبحثون عن أساليب لم يستعملوها بعد، فإن ما قد تمَّ استعماله لم يأت بالنتيجة المرجوة، وان آلات بعلم الغيب، وطالما أن تفسير الأوضاع سياسية ... أمنية ... اقتصادية ... اجتماعية ... سوابق ... ولواحق، هو بيد المطلوب منه السماح وعدم السماح فإن اختيار القرار سيكون على مقاسه وبما يراه مناسبًا له ....... وقد جاءت حرب لبنان الثانية في تموز - آب 2006 لتأكد أن كل شيء في الشرق الأوسط عامة وفي إسرائيل وحولها ديناميكي قابل للتغيير في كل لحظة، وان لم ولن تنتهي الأعذار والحجج والذرائع لتتخذها السلطة مانعًا لعودة المهجرين.
محاولة لإقامة لجنة جديدة لأهالي كفر برعم:
3/3/2007 دعت لجنة أهالي كفر برعم لاجتماع عـُقد في ساحة الكنيسة في كفر برعم، شمل لجنة أهالي كفر برعم ولجنة المراقبة وأعضاء المجلس الاستشاري آنذاك، للتداول في كيفية إقامة لجنة جديدة لأهالي كفر برعم، تخلف اللجنة المداومة، وقد اشترك بالاجتماع بالإضافة إلى من حضر من اللجنة والمجلس، بعض أبناء كفر برعم من غير المدعوين، وتدارسوا الأساليب الممكنة للوصول إلى إقامة لجنة تخلف اللجنة المداومة. لم يجمع الحضور بالاتفاق على أسلوب أو طريقة تعيينها، ولكن الاجتماع فتح امام ابناء كفر برعم أبوابـًا عديدة للنقاش والحوار ولعرض افكار مختلفة.
في 3/12/2008 أصدرت لجنة أهالي كفر برعم بيانـًا عممته على أبناء كفر برعم، تدعو فيه إلى إٌقامة لجنة تحضيرية للإعداد لإجراء انتخابات للجنة قادمة، كذلك تدعو إلى ضم عدد من أبناء كفر برعم إليها، لتصبح لجنة انتقالية تستمر بالعمل إلى ما بعد انتخاب لجنة جديدة في التاريخ الذي تعينه لجنة الانتخابات، وحتى تسلـّم اللجنة المنتخبة مهامها.
في 1/2/2009 عممت لجنة أهالي كفر برعم بيانـُا إلى الأهالي وأرسلت رسالة شخصية لكل واحد من أعضاء لجنة المراقبة وأعضاء المجلس الاستشاري تبلغهم فيها عن رغبتها بإجراء انتخابات للجنة جديدة، وتدعو فيه:
- لإقامة لجنة تحضيرية للإعداد لإجراء انتخابات للجنة قادمة.
- لضم عدد من أبناء كفر برعم إليها، لتصبح لجنة انتقالية تستمر بالعمل إلى ما بعد انتخاب لجنة جديدة في التاريخ الذي تعينه لجنة الانتخابات، وحتى تسلـّم اللجنة المنتخبة مهامها. وكان الهدف من زيادة عدد أعضاء اللجنة هو الاستعداد للاستفادة من زيارة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر إلى الأراضي المقدسة في شهر أيار 2009.
- في 6/4/2009 كلفت لجنة أهالي كفر برعم السيد جريس حنا يعقوب رئيسـًا للجنة انتخابات (لجنة الانتخابات الثانية) على أن يعمل على تشكيل لجنة واسعة من أبناء كفر برعم للإعداد ولإجراء انتخابات للجنة جديدة، وقد ضمت لجنة الانتخابات قبيل إنهاء عملها كل من التالية أسمائهم مع حفظ الألقاب: جريس حنا يعقوب، أشرف نبيل سوسان، راني جريس خلول، كميل جريس جريس، أدوار سامي زكنون، أمير جريس مخول، شريف عفيف مطانس، أميلي توفيق زكنون، نضال ادوار جريس، سعيد انطانس دكور، وسام جريس ديب، شربل ناصيف مخول، جورج رياض غنطوس، بشير نمر زكنون، أمير جريس خلول، باسم مارون مخول، الياس عيد يعقوب، أمير حكمات مخول، حلا مكرم خلول.
يوم الانتخابات:
في 23/1/2010 وبعد فترة إعداد وتنسيق نفذت لجنة الانتخابات الثانية يوم عرس برعمي تمّ فيه انتخاب لجنة أهالي كفر برعم الثانية، والتي عدد أعضائها 11عضوًا.
وقد شارك بالانتخاب فعليًا 1355 برعميـًا (73%) من بين أصحاب حق الانتخاب. وقد فتحت صناديق اقتراع في قرى ومدن الشتات البرعمي داخل الوطن، فكانت صناديق ثابتة في كل من: الجش وحيفا، وصناديق متنقلة في كل من: المكر، عكا، الناصرة، والقدس.
ويذكر انه ترشح لعضوية اللجنة 29 مرشحًا, وبناءً على نتائج الانتخابات فان لجنة أهالي كفر برعم ألمنتخبه تؤلف من التالية أسمائهم، مع حفظ الألقاب:
كامل يعقوب، الشماس صبحي مخول، نزيه يعقوب، ذيب مارون، ناهده زهره، الياس جريس، عفيف إبراهيم، شادي خلول، مارون سوسان، ادوار جريس، مالك أيوب. (انظر عن لجان كفر برعم في باب أخر).
في 13/2/2010 بحضور سيادة المطران بولس الصياح رئيس أساقفة حيفا والأراضي المقدسة للموارنة، وتحت رعايته وبمشاركة لجنة الانتخابات، وبحضور المئات من أبناء كفر برعم، الذين شاركوا بالقداس الاحتفالي بعيد ما مارون، الذي أقيم بتاريخ 13/2/2010 في كنيسة السيدة في كفر برعم تمّ إعلان وإطلاق عمل لجنة أهالي كفر برعم الثانية.
رعية أسوة بباقي الرعايا:
في 1/4/2010 أعلن سيادة المطران بولس نبيل الصياح رئيس أساقفة حيفا والأراضي المقدسة للموارنة عن كفر برعم رعية مارونية أختـًا لباقي الرعايا المارونية في الأبرشية، وأسوة بباقي الرعايا الكنسية في العالم، وعَييّنَ سيادته الأب سامر ديب زكنون خادماً لرعية السيدة في قرية كفر برعم، وقد خوله القيام بكل ما تخوله إياه القوانين المرعية الإجراء، وقد حمله ما تحمله إياه من مسؤوليات. ويُعمل بهذا المرسوم بدءً من تاريخه، وتمّت تسميتها "رعيـّة السيدة - كفر برعم".
منذ ذلك التاريخ نحتفل بالقداس الإلهي بشكل مستمر وثابت كل يوم سبت الساعة الثانية عشر والنصف من بعد الظهر في كنيسة الرعية.